يوم المرأة العالمي: نحتفل بالرائدات المبدعات في مجال السيارات
قطعت النساء شوطاً طويلاً في مجال سيطر عليه الرجال لفترة طويلة، وهو قطاع السيارات، وكان لهن دور فعال في تطوير السيارات خلال القرن الحادي وعشرين، ما أثبت أن المساواة هي الطريق الوحيد لتحقيق إنجازات متكاملة.
من اختراع ماسحات الزجاج الأمامية إلى تغيير عناوين صحف السيارات، أبدعت النساء في تقديم سلسلة من الاختراعات والتقنيات الرائدة التي سمحت لهنّ بتصدر مقعد القيادة بجدارة.
احتفالاً بيوم المرأة العالمي ودور النساء الرائدات وتأثيرهنّ بتاريخ صناعة السيارات، نقدم لك فيما يلي تسلسلاً زمنياً بعض الإنجازات التي حققتها النساء والتي صنعت فرقاً في هذا المجال.
القرن التاسع عشر
في ثمانينات القرن التاسع عشر، كانت السيارات اختراعاً جديداً نسبياً، ومن الطبيعي أنها لم تكن تتمتع بثقة عامة الناس. لذلك، أخذت بيرثا بنز على عاتقها إثبات عملية وموثوقية السيارات، إضافة لإمكانية قيادتها من قبل الرجال والنساء على حد سواء، وأخذت أول رحلة طويلة بسيارتها الخاصة التي تعمل بالبترول عام 1888، الأمر الذي يُعتبر مساهمة كبيرة في تطور صناعة السيارات التي نعرفها اليوم. جلبت مساعيها شهرة واسعة النطاق لاسم بنز، وقطعت شوطاً طويلاً في الترويج لبيع سيارات مرسيدس بنز الأولى.
كانت بيرثا هي من يختبر سيارات مرسيدس بنز، ما يعني أنها أول من أجرى اختباراً شاملاً لسيارة في العالم، والذي بدوره ساهم بوضع العديد من المراجعات لبراءة اختراع بنز الأصلية. بفضل هذه الإنجازات تمت ولادة عصر السيارات الحديثة.
أوائل القرن العشرين
مع مطلع القرن عشرين، كانت لا تزال الصورة العامة للقيادة هي أنها حكر للرجال فقط، إلا أنّ ذلك لم يمنع النساء من البدء في تمهيد طريق دخولهنّ لعالم السيارات.
لم يقتصر طموح النساء على القيادة فحسب، بل امتد ليصل إلى الابتكار والإبداع. خير مثال على ذلك هي الرائدة الأمريكية ماري أندرسون التي قدمت لنا ماسحات الزجاج الأمامية، هذا الاختراع البسيط والمهم الذي حصلت على براءة اختراعه عام 1903. بحلول عام 1916، تم تركيبها بشكل قياسي في غالبية السيارات ومركبات الفان والشاحنات.
أما في عام 1909، ولإثبات قدرة النساء على قيادة السيارات ببراعة، أصبحت أليس رامزي البالغة من العمر 22 عاماً، أول امرأة تقود سيارة عبر الولايات المتحدة الأمريكية.
بعدها توالت الابتكارات أكثر فأكثر، ففي عام 1912، اخترع تشارلز كيترينج نظام التشغيل الذاتي الذي أنهى الحاجة لتشغيل المحرك يدوياً وجعل القيادة أسهل بكثير لكل من الرجال والنساء.
تقيد بمسارك عبر الخطوط البيضاء
قلة قليلة من الناس هم من يعرفون القصة الحقيقية لكيفية ظهور العلامات التي تقسم الطريق. في عام 1917 كانت جون مكارول تقود سيارتها موديل تي فور في كاليفورنيا، عندما تسببت شاحنة كبيرة كانت تتجول بجانبها في انحرافها عن مسارها، ما أدى لانزلاق سيارتها عن الطريق، وعلى الرغم من شكواها لسلطات النقل المحلية، إلا أنها لم تلقى أيّ رد. لذا، أخذت جون على عاتقها حل المشكلة ورسمت خطاً أبيضاً في منتصف الطريق (المعروف اليوم باسم شارع إنديو)، وقسمته لقسمين موضحة تماماً المكان الذي يجب أن تتواجد فيه المركبات التي تسير في الاتجاه المعاكس. نجح الأمر فعلياً، واكتسبت بعدها الشوارع الإسفلتية خطوطها البيضاء المميزة التي لا نزال نستخدمها ليومنا هذا.
سنوات الحرب
مع أوائل الأربعينيات، كان واجباً على الجميع المشاركة في المجهود الحربي، رجالاً ونساءً، ففي عام 1943، انضمت هيلين روثر لطاقم التصميم الداخلي في شركة جنرال موتورز، لتصبح أول امرأة تعمل كمهندسة سيارات. كانت النساء في الجيش تقدن جميع أنواع المركبات المتوفرة، من سيارات الموظفين والدراجات النارية إلى الشاحنات كبيرة الحجم، ما أثبت بشكل قطعي قدرة المرأة الكاملة على التعامل مع القوة الهائلة للسيارات مهما بلغ حجمها.
الاهتمام بالمظهر
بمجرد انتهاء الحرب، أخذت النساء بالعودة لدورهن المنزلي وللاعتناء ببيوتهن وأطفالهن، لكن ذلك سيكون صعباً دون سيارة للقيام بالمهام اليومية، أليس كذلك؟ قدم ناش عام 1954 سيارة متروبوليتان، سيارة “ركاب/تسوق” الأولى التي تم تسويقها خصيصاً للنساء. قد يبدو الأمر غريباً الآن، إلا أن مظهر هذه السيارة وجماليتها كانا بنفس أهمية قوة محركها، فضلاً عن كونها نقطة مفصلية في تحديد كيفية تسويق السيارات لعقود قادمة.
عام 1955، أخذت دودج باتباع هذه الموضة، وقدمت سيارة كوبيه وردية اللون ببابين للسيدات تحت اسم La Femme. كانت هذه السيارة الأيقونية تأتي مزودة بحقيبة يد من جلد العجل مع إضافات متطابقة بما في ذلك علبة بودرة للوجه وأحمر شفاه وعلبة سجائر وولاعة ومشط ومحفظة احتياطية، أي باختصار، كل ما قد تحتاجه المرأة العصرية في الخمسينيات.
مع حلول سنة 1964، أطلقت فورد سيارة موستانج بحملة تسويقية تستهدف النساء بشكل كبير، إلا أنه مع مرور الوقت تغير اتجاهها وأصبحت سيارة عضلات بامتياز، الأمر الذي بقي ملازماً لهويتها التسويقية حتى اليوم.
تصدر عناوين صحافة السيارات
أما أخيراً، نجحت دينيس ماك.لوكج عام 1955 بتغيير عناوين صحافة السيارات. باعتبارها سائقة سباق وصحفية ومصورة ومؤلفة، كانت امرأة وحيدة في عالم السيارات الذي يسيطر عليه الذكور، ومع ذلك، فإن إصرارها وطموحها وضعاها ضمن قائمة الشخصيات الرائدة في مجال المساواة مع المرأة. قادها عملية كصحفية لاحتراف سباقات السيارات عندما انتقلت لنيويورك في سنة 1954، حيث حققت تأثيراً لا يُنسى على حلبات السباق، فهي المرأة الوحيدة التي تم ضمها لسباقات سيبربنغ الدولية إلى يومنا هذا. علاوة على ذلك، فهي الصحفية الأنثى الوحيدة التي تم إدراجها في قاعة مشاهير السيارات.
ماذا بعد؟
في يوم المرأة العالمي، نحتفل بإنجازات النساء في مجال السيارات – وفي جميع القطاعات الأخرى – مؤمنين أن المستقبل سيحمل لنا الكثير بعد!